القائمة الرئيسية

الصفحات

الغوريلا الجبلية ساكن الكهوف الأفريقي الذي يمايز واليًا لقبيلته كل 56 شهر

لم يكن هذا الحيوان الذي يقطن استنادا لتقاليده وقوانينه المخصصة إلا "الغوريلا الجبلية"، والتي تُعد أكبر فصائل القردة العليا، والتي من أكثرها أهمية فصائل "هومو" و"بونوبو"، و"شمبانزي"، و"أورانغوتان"، فهو ذو وزن يتخطي حد الـ350 كيلوجرام، على الرغم هذا نجده كائنًا إجتماعيًا، يقيم وسط مجموعات متوسطة يتراوح أعدادها ما بين عشرين إلى ثلاثين قرد،

"مجتمع الغوريلا يتداول السلطة ديمقراطيًا".. قد تظهر عبارة ساخرة، غير أنها في واقع الشأن حقيقة يجريها مجتمع الغوريلات الجبلية، فيقومون كل دورة بإختيار زعيمًا من بينهم، لا تزيد فتره حكمه عن 4 سنين و8 أشهر، أي 56 شهر تقريبًا، ومن المعتاد أن يكون الزعيم أوضحًا ذو ظهر فضي اللون، يفاضل له مساعدًا فضي الظهر، من الممكن أن يكون شقيقًا أو إبنًا له، ثم يقوم بتعيين أقوي ذكرين ليتولي مركز وظيفي الحارس الشخصي، مثلما يفاضل أربعة من الإناث البالغات لتصبحن زوجات مدي الحياة، ينجب منهن ما بين ثلاث إلى ستة أطفال، تتولي زوجاته رعايتهم، وإن توفت أحداهن يرعى هو صغارها.

ويُعد زعيم مجتمع الغوريلات الجبلية المتحكم الأضخم والأخير في تحركات وأفعال جماعته، اعتبارا من مواضع الأكل، حتى المخاطرة بحياته في طريق حمايتهم من الحيوانات المفترسة والصيادون، مثلما أنه صاحب المسئولية الأكبر عن فض أي تشاجر يصدر بين أشخاص الجماعة، وعندما يتوفى يضطلع بـ المساعد الحكم من بعده، فإذا لم يكن مؤهلا للخلافة من الممكن أن تتفكك الجماعة وتنهار على الإطلاق، حتى يتزعمها أوضحًا مودرنًا.

الغوريلا الجبلية حيوان نباتي، تعتمد في غذائها على 142 نوعًا من النباتات المتنوعة، أكثرها أهمية أوراق الشجر، خاصة أشجار التوت والعنب، وبعض النباتات الشوكية، مثلما تتناول الثمار، وسيقان الأشجار والبراعم والجذور، والأزهار والفواكة، إضافة إلى ذلك الحشرات والنمل والديدان واليرقات واللافقاريات، تمُر أكثرية زمانها في تناول الغذاء، منذ الساعات الأولى من الغداة، وعندما يدنو الليل تصنع عُشا للنوم من فروع الشجر القريبة منها، تنام فيه مع صغارها.

على الرغم من أن الغوريلا حيوان مسالم، سوى إنها تصبح عدائية في وضعية الحماية عن النفس، وقد تأتي لتصبح خصم عنيد إذا تسبب واحد من في مضايقتها وتكديرها، أو وقف على قدميه بجرحها، أو تعرض لصغارها، ما إذا كان من الحيوانات المفترسة كالفهود والنمور، أو من الإنس الذي يُعتبر أضخم خصومها، نتيجة لـ تعديها على الغطاء النباتي.

تُعرف الغوريلا في أفريقيا بإسم الغوريلا الشرقية، وهي نوعان، غوريلا السهل، التي تقيم على ضفاف المجاري المائية، في الجابون وزائير والكاميرون، وفي غابات في شرق الكونغو، وتحديدا داخل متنزهات "كاهوزي بيغا"، ومتنزهات "مايكو الوطنية"، وغابات "أوسالا"، وغابات مناطق جبلية "إيتومبوبة"، وغوريلا المناطق الجبلية، التي تقطن فوق مناطق جبلية وهضاب الكونغو وأوغندا، وتحديدا بمنطقة "صدع ألبرتين"، خصوصا في منطقتي مناطق جبلية "فيرونجا البركانية"، التي تقع بين حديقة "فيرونجا" بالكونغو، و"ماغينغا" بجنوب في غرب أوغندا، و "فولكينوس" بشمال في غرب راوندا، وفي مساحة "حديقة بيويندي" بأوغندا.

قديما، كان يطلق على الغوريلا الجبلية إسم "ساكن الكهوف"، وفي سنة 1852 تغير أسمها للغوريلا، وهي كلمة يونانية المنبع، كانت تطلق على قبيلة نساءها قبيحة الشكل، يكسو جسمها الشعر الغزير، وهي تعني "فرد بشع المنظر"، وفي سنة 1967، رِجل عالم الأحياء الأسترالي "كولن غروفز" مقترحا بضم جميع الغوريلات في مدى نوع واحد، بحيث تصنف جميعًا لثلاث أشكال، منها الغوريلا الجبلية.

في سنة 2003، أشرف الإتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة بمراجعة ذلك التقسيم ليشمل نوعين لاغير وهو الغوريلا الشرقية والغربية، وفي سنة 2012، قُدر رقم غوريلا المناطق الجبلية باتجاه 880 غوريلا، ولذلك لجأ العلماء لفصل مجموعة منها بحديقة "بيويندي" الوطنية، لإنتاج أعراق حديثة منها، فنتج عن هذا نوع حديث، أُطلق عليه "غوريلا فضية الظهر"، فظهرها مغطاة بشعر فضي اللون، يتكاثر مع تقدم السن.

تمتاز الغوريلا الجبلية برءوس هائلة الكمية، وصدر عريض، وأذرع طويلة، وأنف مسطح هائل، يكسو جسد الأنثى الشعر الأسود في حين عدا الوجه والأقدام والصدر، وأطول شعر يبقى على ذراعيها، أما الذكور فيكسوها شعر فضي اللون، يتغير إلى الرمادي مع تقدم العمر، كدلالة على الشيب، ولا تتشابه غوريلا السهل عن غوريلا المناطق الجبلية في أن شعرها قصير، سوى انه أكثر سوادا وسمكا.

ومن المعتاد أن يكون الذكر أضخم كميةًا من الإناث، فيبلغ تزايده لدى الكتف إلى 1.7 متر، ويبلغ إلى 190 سنتيمتر وقتما يقف منتصبًا، وتبلغ المسافة بين طرفي ذراعيه وقتما يفردهما إلى 230 سنتيمتر، ويتراوح وزنه بينما بين 140 إلى 220 كيلوجرام، في حين لا يتجاوز زيادة الأنثى عن 1.5 متر، ولا يزيد وزنها عن مائة كيلوجرام، وإن كانت الأنثى سجلت رقمين قياسيين من حيث الصعود والوزن، ففي عام 1938 سجلت واحد من الإناث شرقي الكونغو، ارتفاعا يبلغ إلى 1.94 متر، فيما سجلت أنثى أخري في الكاميرون وزنا يبلغ إلى 266 كيلوجراما، وطولا يبلغ إلى 183 سنتيمتر.

عثر الباحثون على بعض الحفريات التي تدل إلى أن الغوريلا الجبلية استوطنت منطقتي أفريقيا وشبه الجزيرة العربية في العصر "الأوليجوسين" منذ أكثر من  ثلاثين 1000000 سنة، وعلى الرغم من أن هذه الدلائل الجيولوجية غير كافية لتأكيد هذا، لكن الباحثين تأكدوا من ظهورها منذ ما يقرب من 9 1000000 سنة، وقتما أنفصلت عن نظرية "السلف المشترك"، التي توميء حتّى جميع الأحياء لها مصدر مشترك مع الإنسان وقردة الشمبانزي، وقد عاشت لمدة أربعمائة 1000 سنة في منطقتين منعزلتين بشرق القارة الأفريقية.

والغوريلا حيوان اجتماعي، يقطن وسط جماعات متماسكة، يربط بين الذكور والإناث حياة اجتماعية هادئة، وإن كانت الرابطة بين الإناث هزيلة للغاية، ولا تتشابه الجماعات الجبلية في التكوين الاجتماعي، فيوجد في  61% من هذه الجماعات أوضح واحد هو قائدها، وفي 36% منهم يكون بالجماعة رقم من الذكور، تخضع كلها لزعيم واحد، أما بقية الجماعات التي تبلغ إلى 3% فيعيشون في جماعات ذكورية خالصة، لا يبقى بها أي إناث، يخضعون جميعا لقائد واحد.

ولا تستقر الغوريلا على جماعة واحدة نطاق الحياة، بل قد تنفصل عنها وتؤسس جماعة أخري، فالذكور من المعتاد أن تنفصل عن جماعتها لدى عمر 11 سنة، لتمضية بعض الوقت على نحو منفرد يمكن أن يصل إلى خمس سنين، بعدها إما ترجع إلى جماعتها الأولى، أو تجد إناث إليها وتؤسس لها جماعة حديثة، أما الأنثى فتترك جماعتها لدى عمر 8 سنين، لتنتقل إلى جماعة أخرى، أو تؤسس جماعة حديثة خاصة بها مع أوضح مودرن يكون هو قائدها، وقد تنفصل زيادة عن مرة حتى تعثر على أوضح يناسبها وتستقر معه ما توجد لها من عمر.

تستخدم الغوريلا الجبلية أكثر من  25 صوت للتواصل بينما بينهم، كل واحد منهم يعبر عن معنى متنوع، فعندما تنفصل عن جماعتها خلال السفر، تطلق نباحا يدل على موضعها، وذلك الصوت تستخدمه ايضا في إحتفاليات الزواج، وعندما يصدر تشاجرًا ما تطلق رفع صوتًا وزئيرًا لتحذير الخصم وتهييج رهبته، وغالبًا ما يطلق ذلك الصوت زعيم الجماعة.

الصيد الجائر كان الداعِي المباشر في قلة تواجد أعداد الغوريلا الجبلية، حتى أضحت معرضة للإنقراض، الأمر الذي صرف ممنهجة "الإتحاد الدولي لحماية وحفظ الطبيعة، لإقامة مسيرات متنوعة للبحث عن ذلك النوع من الغوريلا، بغاية زيادة الوعي، وفي سنة 2010، أفصحت إدارة حديقة "فيرونجا" أن هذه الغوريلا ازدياد أعدادها من 380 إلى 480 أثناء سبع أعوام، أي بنسبة 26%، أما بداخل منطقة بيويندي" فازداد عددها من 320 إلى 340 أثناء 4 أعوام لاغير، أي بنسبة 6%.


reaction:

تعليقات