القائمة الرئيسية

الصفحات

صرخة أم: مستعدة أبيع ابنى الرابع «علشان يدُوق اللحمة»قصة مؤثره جدااا


كلما اقترب الحمل من الشهر التاسع زاد شوق الأم لرؤية طفلها المنتظر، فتستعد لتجهيز مستلزمات استقباله، ويتطرق خيالها للتفكير فى مستقبله.. هذه هى مشاعر الأمومة الطبيعية التى فطرنا الله عليها.

لكن عندما تتبدد تلك المشاعر وتصبح وسيلة تفكر بها الأم فى التخلص من طفلها بـ«البيع» حتى قبل رؤيته، فهذا هو ما ليس طبيعياً، وإن كانت وراءه أسباب وظروف أسرية قهرية وقاسية دفعت الأم لتصرخ بأعلى صوتها: «أنا بعمل كده لمصلحته لأنى عارفة إنى مش هاقدر أصرف عليه».

سيدة فى العقد الثالث من عمرها، أم لثلاثة أولاد، وتنتظر قدوم طفلها الرابع، رحل عنها زوجها منذ شهور وتركها تواجه صعوبة الحياة دون عائل وبسبب عدم قدرتها على تلبية أقل الاحتياجات الأساسية لأولادها عندما أنجبت الطفل الرابع فكرت فى التبرع به فور ولادته لأى أسرة ثرية، دون أدنى مقابل مادى، نظير أن تحسن تلك الأسرة تربية وتعليم طفلها، وأن تضمن له حياة كريمة.

الأم ذات الجسد النحيل جلست وسط أطفالها الثلاثة، فى منزلها المتواضع بأحد أحياء القاهرة الشعبية، والذى يتكون من حجرتين وصالة وحمام دون مطبخ بدا أن الأسرة لا تجتمع أو تقضى أغلب وقتها إلا فى أوسع حجرات الشقة، وهى حجرة لا تتجاوز مساحتها 3 أمتار ليس فقط، لأن بها تليفزيوناً 14 بوصة، هو الوسيلة الوحيدة لتسلية الأطفال، وتحتوى الغرفة على سرير متهالك، تكسوه مفروشات بالية، يعلوها بطانية واحدة، مليئة بالثقوب، لا تبدو أنها تحمى من برد أو تصد رطوبة.

كانت الأم تلتفت يميناً ويساراً بين الحين والآخر بوجهها الشاحب للاطمئنان على أصغر أطفالها، والذى أخذ يلهو حولها ببراءة، ولم تضيع وقتاً، فقد أخبرتنا بظروف الحياة القاسية التى دفعتها لعرض التبرع بابنها للأسرة الثرية «علشان ما يشفش مصير إخواته اللى سبقوه إلى الدنيا»، والذين لم يتم تسجيلهم فى دفاتر الحكومة، كما روت، لأن والدهم كان فى الأصل «ساقط قيد».

السيدة روت كيف تعرفت على زوجها قائلة: «عاش من غير شهادة ميلاد أو بطاقة لحد ما مات، وعلشان كده أتجوزته عرفى من 11 سنة»، لم تبال السيدة برفض والدها للزواج منه، غير أنها تعود الآن لتندم على حالة اللامبالاة تلك قائلة «أبويا كان مقدر حجم المأساة اللى أنا عيشاها دلوقتى».

ولأن والدها كان رافضا للزيجة، انتقلت السيدة وزوجها للعيش فى حجرة داخل شقة أخته، ثم أجر الشقة التى تعيش فيها حالياً بمبلغ 150 جنيهاً، وزوجها كان عاملاً فى ورشة بلاط تورط فى مشاجرة فى أحد الأيام، ودخل السجن لمدة 7 شهور، خرج بعدها مصاباً بفشل كلوى وكبدى، قبل أن يتوفى تاركاً لها ثلاثة أطفال وجنيناً يتحرك فى أحشائها.

وروت السيدة كيف أن أبناءها محرومون من كل شىء، بسبب عدم تسجيلها لهم فى سجلات الحكومة «ما عرفتش أطعمهم ضد شلل الأطفال وبقية الأمراض المعدية، لأن مالهمش شهادات ميلاد»، ولم تنف أنها حاولت فى إحدى المرات تسجيلهم، غير أنها فوجئت بالمحامى يطلب منها 3 آلاف جنيه، وبالطبع عجزت عن تدبير المبلغ.

وهى تحلم بأن يلتحق أبناؤها بالمدارس «زى باقى الأطفال»، فتتخيل أحدهم ضابطاً والآخر مهندساً والثالث طبيباً، وهو الحلم الذى تعرف جيداً أنه «مجرد سراب»، قد يتحول إلى واقع إذا ما تبرعت بطفلها الرابع لتلك الأسرة الثرية.

وأبدت السيدة استعدادها لمنح الطفل فور ولادته للأسرة الثرية قائلة: «ماعنديش مانع ياخدوه أول ما يتولد، ويكتبوه باسمهم، بس لما يكبر يعرفوه إنى أمه الحقيقية وإنى عملت كده علشان خاطر مستقبله ويعاملوه كويس».

 ثم نظرت إلى الأرض وبصوت يختنق قالت: «طب أعمل إيه ما أنا لازم أعيش أنا وولادى، وكمان مش عاوزاه يعيش زى إخواته، يدوق اللحمة فى العيد الكبير بس، والفراخ مرة كل شهرين، وربنا يعينى على تربية باقى إخواته، لأن فى اتنين منهم مولودين بحساسية على الصدر، والثالت عينه اليمين راحت وهو بيلعب فى الشارع مع العيال.

وأضافت: «أنا باشتغل عند واحدة بـ10 جنيه فى اليوم، وأهو أهل الخير مش سايبنى، خصوصاً فى المواسم، لكن بيصعب عليا إنى بأجبر العيال ميخرجوش من البيت طول أيام العيد، لأن عيال الجيران بيعايروهم بالشحاتة، ده غير إنى عمرى ما فسحتهم لأن أقل خروجة بتكلف الشىء الفلانى»
reaction:

تعليقات